7 كانون الثاني/يناير 2022 - 4 جمادى الآخرة 1443
تقرير خاص عن مصطفى صادق الرافعي (1880 – 1937) فيه نبذة عن حياته و نتاجه الأدبي و صور من حياته لا يعرفها كثير من القراء. يعد الرافعي من أشهر أدباء العربية في العصر الحديث، و يراه البعض أفصح من كتب بالعربية من المتأخرين.
مولد الرافعي و وفاته
ولد في كانون الثاني/يناير عام 1880 (و لا يعرف له شهادة ميلاد تحدد يوم مولده) في (بهتيم) من قرى مديرية القليوبية في مصر، و كلا أبويه من بلاد الشام فأسرته من طرابلس الشام و أمه أصلها من حلب من عائلة الطوخي، فهو شامي الأصل مصري المولد. عاش حياته كلها في مصر، و لم يسافر خارجها إلا إلى الشام (لبنان). توفي في طنطا بمصر و دفن بها في 10 أيار/مايو عام 1937.
دراسته و مرضه
أخذ العلم في صغره من أبيه الذي كان قاضيا و رئيسا للمحكمة الشرعية في طنطا، و دخل المدرسة الابتدائية بعد ما جاوز العاشرة من عمره. و لم ينل من الشهادات إلا الشهادة الابتدائية. و في السنة التي حصل فيها الشهادة الابتدائية أصابه مرض أبقاه في فراشه أشهرا. أثر المرض على قدرته في الكلام و السمع فكان في كلامه حبسة. و قد ظل سمعه يتضاءل حتى فقده كاملا (صار أصم) قبل أن يتم الثلاثين من عمره.
كانت لهجة الرافعي قريبة من السورية و أثر العامية المصرية فيها قليلا.فقد ذهب سمعه صغيرا و كان أكثر ما سمع في صغره من أبيه و أمه اللذين كانا قريبي عهد من منبتهما في الشام، فظلت لهجته قريبة من السورية إلى آخر أيامه. و كان الناس يتواصلون معه كتابة، فيكتبون له ما يريدون قوله.
انقطع بعد مرضه عن التعلم في المدارس، لكن ابتعاده عن المدرسة لم يمنعه من متابعة الدراسة الذاتية، فجمع علما واسعا في علوم العربية و آدابها.
أدب الرافعي و مؤلفاته
شهرة الرافعي و أجود ما كتبه في الأدب و الإنشاء، لكنه بدأ شاعرا و قال الشعر و لمّا يبلغ العشرين من عمره. و نشر له قبل أن يتم الثلاثين (ديوان الرافعي) في ثلاثة أجزاء و (ديوان النظرات). و النشيد الوطني التونسي (حماة الحمى) من تأليفه و أضيف في آخره بيتان للشاعر أبي القاسم الشابي.
ثم تحول تركيزه إلى الإنشاء و الكتابة النثرية، فكتب في الأدب و البلاغة و الحب و النقد الأدبي و عالج مسائل اجتماعية و إنسانية في مقالاته التي كانت تنشر في الصحف و المجلات. و بعض كتب الرافعي كانت مقالات و رسائل جمعها لاحقا في كتب.
و للرافعي أربعة كتب تتحدث عن الحب و فلسفته و تُصوّر ما كان بينه و بين حبيباته هي (حديث القمر) و (رسائل الأحزان) و (السحاب الأحمر) و (أوراق الورد).و سيأتي الحديث عن أشهر كتبه في النقد (المعركة تحت راية القرآن) و (على السفّود).
و يمكن القول إن أشهر كتبه كافة (وحي القلم)، و فيه مجموع مقالاته التي نشرت في مجلة (الرسالة) بين 1934-1937 و مقالات أخرى، و يعده بعض أهل اللغة أجود ما كتب. و يذكر صديقه محمد سعيد العريان في كتابه (حياة الرافعي) القصص و الأسباب لطائفة من مقالات (وحي القلم)، فمن شاء معرفة القصة وراء مقالة (بين خروفين) و (في اللهب و لا تحترق) و غيرها من المقالات فليراجع كتاب العريان يجد فيه غايته.
صور من حياته الخاصة
كان الرافعي محبا للرياضة البدنية و كان سباحا ماهرا، و كان المشي الطويل أحب رياضة إليه. و كان في مكتبه معدات للرياضة من الحديد و الأثقال.
و يذكر صديقه العريان أن مكتب الرافعي كان عليه ثلاث صور، صورة الشيخ محمد عبده و صورة الرياضي (صاندو) و صورة ملكة جمال تركيا في وقت مضى (كريمان هانم خالص). و عندما سأله العريان عن اجتماع تلك الصور، قال عن صورتي الشيخ محمد عبده و صاندو: هاتان قوتان تعملان في نفسي: قوة في روحي، و قوة في جسدي
فسأله عن الصورة الثالثة فقال:و هذه…! ما أجملها! انظر! ألا تقرأ شعرا مسطورا على جبينها.
و بخلاف أسلوبه المتقن و صياغته الجميلة، كان خطه في الكتابة رديئا منذ صغره و بقي رديئا إلى آخر أيامه.
خصوماته الأدبية
كانت للرافعي خصومات و معارك أدبية مشهورة مع أدباء عصره، و أشهرها كانت مع أديبين من عصره هما طه حسين و محمود عباس العقاد. و قد ظلت خصومته معهما قائمة إلى آخر أيامه.
كان الرافعي شديدا في النقد لا يداري خصومه. و قد وصف العريان أسلوبه في النقد، لقد كان ناقدا عنيفا حديد اللسان، لا يعرف المداراة و لا يصطنع الأدب في نضال خصومه.
و في حديثه عن أول مقالة كتبها الرافعي في النقد يقول العريان، لقد كان الرافعي طويل اللسان من أول يوم…!
و قد خلفت خصومته مع طه حسين كتابه المعروف (المعركة تحت راية القرآن) و فيه رأي الرافعي في القديم و الجديد من الأدب ممزوجا بأسلوبه الشديد في النقد. و كانت للكاتبين مقالات عديدة تغمز و تنال من الخصم. و يذكر العريان أن مقال (شيطان و شيطانة) المنشور في الجزء الثالث من (وحي القلم) -نشر الجزء الثالث بعد وفاة الرافعي- غمز به الرافعي طه حسين، و قد رده في وقته صاحب مجلة الرسالة و لم ينشره رعاية لصديقه القديم.
و يجمع كتاب (المعركة تحت راية القرآن) مقالات كتبها الرافعي في سنوات مختلفة، فترى اختلافا في الأسلوب لاختلاف زمن المقالات و أسبابها و من كتبت له.
و خلفت خصومته مع العقاد كتابه (على السفّود). و كان الرافعي قد كتب ثلاث مقالات بعنوان (على السفّود) في نقد قصائد للشاعر عبد الله العفيفي، و السفّود هي الحديدة التي يشوى عليها اللحم، و في العنوان إشارة لما تحويه من النقد الشديد و الأساليب اللاذعة. و بعد نشوب الخصومة مع العقاد، كتب الرافعي سلسلة من المقالات في نقد العقاد، و جمعت في كتاب (على السفود). و تبادل الأديبان النقد و الهجاء. و يصف العريان هذه الخصومة بأنها كانت أشد المعارك عنفا و أبعدها عن حدود الأدب اللائق.
مؤلفات الرافعي
هذه قائمة بأعماله مرتبة ترتيبا زمنيا
- ديوان الرافعي – ثلاثة أجزاء صدرت بين سنتي 1903-1906
- ديوان النظرات – 1908
- تاريخ آداب العرب – 1911
- إعجاز القرآن – و هو الجزء الثاني من تاريخ آداب العرب
- حديث القمر – 1912
- المساكين – 1917
- رسائل الأحزان – 1924
- السحاب الأحمر – 1924
- المعركة تحت راية القرآن – 1926
- على السفّود – 1930
- أوراق الورد – 1931
- وحي القلم – 1937
مراجع
- حياة الرافعي لمحمد سعيد العريان
- الأعلام لخير الدين الزركلي
Be First to Comment